مبادئ فانغارد للنجاح في الإستثمار: 5. الإنضباط

هذا المقال مقتبس من ’’مبادئ فانغارد للنجاح في الإستثمار.‘‘

لقراءة 1. المقدمة، يرجى الضغط هنا.

لقراءة 2. الأهداف، يرجى الضغط هنا.

لقراءة 3. التوازن، يرجى الضغط هنا.

لقراءة 4. التكلفة، يرجى الضغط هنا.

حافظ على المنظور والإنضباط على المدى الطويل

الإنضباط في الإستثمار هو القدرة على الإلتزام، بمرور الوقت، بخطة الإستثمار. بمجرد أن يضع المستثمرون خطة من خلال تحديد أهدافهم، وإختيار توزيع الأصول المناسب، وتقليل التكاليف، فإن الإنضباط هو ما سيساعدهم على الإقتراب من تحقيق أهدافهم.

يثير الإستثمار مشاعر قوية يمكن أن تؤدي إلى إتخاذ قرارات متهوّرة: البيع بذعر أثناء تقلّبات السوق، على سبيل المثال. إن ردود الفعل العاطفية تجاه تقلّبات السوق صعوداً وهبوطاً أمر طبيعي، وهي إلى حد ما خارجة عن سيطرتنا. لكن ما يمكننا التحكّم فيه هو ما إذا كنا سنتصرف بناءً على هذه المشاعر أم لا. عندما يتمكن المستثمرون من تسليح أنفسهم بمنظور طويل الأجل ويظلون منضبطين في تنفيذ إستراتيجيتهم الإستثمارية، يمكنهم تجنّب القرارات العاطفية الضارة المحتملة.

تتضمن أربعة مكوّنات أساسية للحفاظ على الإنضباط في إستراتيجية الإستثمار ما يلي:

  1. تقديم مساهمات إستثمارية منتظمة.
  2. الإستمرار في الإستثمار خلال الأوقات المتقلّبة.
  3. إعادة التوازن لإدارة المخاطر والحفاظ على توزيع مناسب للأصول.
  4. وضع خطة للإنفاق المنضبط على المحفظة الإستثمارية.

على مدار فترة خطة الإستثمار، نعتقد أنه يجب على المستثمرين مراقبة خططهم ومراجعتها بشكل دوري للتأكد من أن أهدافهم لا تزال ملائمة وواقعية.

قوة المساهمات المنتظمة والمتزايدة

إن تقديم مساهمات منتظمة في المحفظة الإستثمارية وزيادتها بمرور الوقت يمكن أن يكون له تأثير قوي على النتائج طويلة الأجل. من المعروف على نطاق واسع أن الفائدة المركّبة هي أحد أقوى محركات تراكم الثروة. ومع ذلك، لا يتم الحديث كثيراً عن قوة زيادة المساهمات مع مرور الوقت. من خلال تخصيص جزء من الزيادة في الراتب، أو المكافأة السنوية، أو هدية لمؤسسة، أو أي دخل إضافي مكتسب، يستفيد المستثمر من فرصة كسب عوائد إستثمارية على هذه المدّخرات الإضافية. إن الجمع بين الفائدة المركبة وزيادة المساهمات هو أداة قوية في تحقيق الأهداف المالية.

ولفهم تأثير المساهمات المنتظمة والمتزايدة على رصيد المحفظة الاستثمارية، أجرينا محاكاة لثلاث حالات لتمويل هدف بقيمة 500,000 دولار (بدولارات اليوم، معدّلة حسب التضخّم). تبدأ جميع الحالات بإستثمار أولي بقيمة 10,000 دولار ومساهمات سنوية إضافية بقيمة 5,000 دولار. ثم يتم إضافة الفروقات، لإنشاء ثلاثة سيناريوهات:

  • السيناريو 1 (خط الأساس). لا زيادة في المساهمات السنوية (لا زيادة في المدخرات)؛ عائد سنوي بنسبة 4% فوق التضخّم.
  • السيناريو 2 (مدخرات أعلى). زيادة سنوية بنسبة 5% في المساهمات (زيادة المدخرات)؛ عائد سنوي بنسبة 4% فوق التضخّم.
  • السيناريو 3 (عائد استثماري أعلى). لا زيادة في المساهمات السنوية (لا زيادة في المدخرات)؛ عائد سنوي بنسبة 6% فوق التضخّم.

هذه هي النتائج: يمكن أن تكون زيادة مساهماتك الإدخارية أقوى من الإعتماد على المخاطرة الإضافية لإمكانية تحقيق أداء أعلى.

  • في السيناريو 1، مع عائد حقيقي سنوي حقيقي بنسبة 4% وإستثمار ثابت قدره 5000 دولار سنوياً، سيستغرق المستثمر 69 عاماً لتحقيق هدفه.
  • ومع ذلك، في السيناريو 2، الذي يحافظ على نفس العائد السنوي ولكنه يزيد المدخرات بنسبة 5% كل عام، سيحقّق المستثمر هدفه في 39 عاماً، مما يقلّل من الوقت اللازم لتحقيق الهدف بمقدار 30 عاماً.
  • ومن المثير للإهتمام أن السيناريو 3 – حيث يحافظ المستثمر على المساهمة السنوية عند 5,000 دولار أمريكي ويتحمّل المزيد من المخاطر لكسب عائد حقيقي سنوي بنسبة 6%، ولكنه لا يزال يستغرق 45 عاماً لتحقيق هدفه – كان أداؤه أقل من السيناريو 2.

تُظهر هذه السيناريوهات الثلاثة معًا أن الادّخار أكثر هو وسيلة قوية لتحقيق الأهداف المالية.

الإستمرار في الإستثمار خلال الأوقات المتقلّبة

تنشر وسائل الإعلام المالية بإستمرار تقارير عن عوائد الإستثمار، وغالباً ما تركّز على الخسائر أكثر من المكاسب. وبطبيعة الحال، يميل الناس إلى ربط نجاح الإستثمار بالعوائد الإستثمارية القوية. ومع ذلك، فإن عوائد السوق القصيرة الأجل لا يمكن التنبؤ بها وخارجة عن سيطرة المستثمر. لذا، فإن الإبتعاد عن الضوضاء يساعد في الحفاظ على الإنضباط.

في الأسواق المتقلّبة، مع وجود رابحين وخاسرين واضحين للغاية، فإن تبديل خطط الإستثمار هو إغراء خطير آخر. يمكن أن تكون جاذبية تغيير توزيع أصول المحفظة الإستثمارية إستجابةً لتطوّرات السوق على المدى القصير قوية. هذا هو خطر الإدراك المتأخر: تميل ’’الفرص‘‘ إلى أن تكون واضحة في وقت لاحق ونادراً ما تكون مرئية قبل ذلك. يطارد العديد من المستثمرين الأداء ويركّزون على تحرّكات السوق لشراء ’’الرابحين‘‘ وبيع ’’الخاسرين،‘‘ وهو أمر نادراً ما ينتهي بالنجاح. ومع ذلك، يمكن تجنّب هذا السلوك من خلال الإلتزام بخطة إستثمار ثابتة تتضمن توزيعاً متوازناً ومتنوّعاً للأصول إلى جانب مساهمات ثابتة ومتكررة.

أعطى الماضي القريب مثالاً تقليدياً على تكلفة الخروج من السوق خلال فترات التقلّبات. يُظهر الشكل أدناه تأثير الخروج من تخصيص الأصول بنسبة 60-40 بين الأسهم والسندات خلال فترة تراجع السوق بسبب فيروس كورونا المستجد في مارس 2020. نحن نفترض أن بعض المستثمرين تخلّوا عن تخصيص أصولهم الأصلي بنسبة 60% من الأسهم و40% من السندات في مارس 2020 عند قاع السوق وإنتقلوا إلى 100% من النقد حتى تعافي السوق في يوليو 2020، عندما عادوا إلى تخصيص أصولهم الأولي. يُظهر الشكل التباطؤ في العوائد التي شهدها المستثمرون إذا تخلوا عن خطتهم الإستثمارية.

أهمية الحفاظ على الإنضباط: قد يؤدي التفاعل مع تقلّبات السوق إلى تعريض العوائد للخطر
ماذا لو تحوّل المستثمرون إلى السيولة النقدية في قاع الإنكماش الناتج عن فيروس كورونا المستجد وبقوا هناك حتى تعافي السوق؟

يُظهر الشكل أعلاه مسارين: (1) التمسّك بتخصيص الأصول، و(2) التخلّي عن الخطة، ولو لبضعة أشهر فقط. تعافى المستثمرون الذين التزموا بتخصيص أصولهم الأصلية خلال عمليات البيع في مارس 2020 بسرعة أكبر وحققوا عوائد أفضل من المستثمرين الذين إنتقلوا إلى النقد بنسبة 100% خلال تلك الأشهر.

يجب أيضًا مراعاة التأثير العاطفي لمحاولة توقيت السوق. فالمستثمر الذي يتخلى عن إستراتيجيته الإستثمارية يمكن أن ينتهي به الأمر بالضغط النفسي حول كيفية ’’أفضل‘‘ توقيت لعودته إلى السوق – وغالباً ما يتحمل هذا الضغط في وقت تكون فيه التقييمات أعلى مما كانت عليه عند الخروج، مما يعني أن حسابه أقل مما كان سيصبح عليه لو بقي مستثمراً. في الأساس، لا يضمن الوقت والضغط النفسي الناجمين عن محاولة توقيت الأسواق تحقيق نتائج أفضل.

إعادة التوازن لإدارة المخاطر والمحافظة على توزيع مناسب للأصول

يُعدّ تخصيص الأصول أحد أهم القرارات الحاسمة لتحقيق هدف الإستثمار. ولكنه لا يكون فعّالاً إلا عندما يتم الإلتزام بالتخصيص بمرور الوقت وخلال بيئات السوق المتغيّرة. إعادة التوازن هي العملية المصمّمة للمساعدة في الحفاظ على توازن المحافظ الإستثمارية. قد تنطوي على بيع بعض الأصول وشراء أصول أخرى لتحقيق التوزيع المتوازن المطلوب للأصول – مما يضمن ألا ينتهي الأمر بالمستثمر بمحفظة تختلف عن توزيعها الأصلي بسبب تحرّكات السوق.

يمكن أن يزداد تعرّض المستثمر للمخاطر دون قصد عندما تُترك المحفظة دون مراقبة خلال فترات الأداء القوي لسوق الأسهم. وبمرور الوقت، قد تنمو حيازات الأسهم بما يتجاوز الهدف الأصلي للمستثمر، مما يؤدي إلى محفظة أكثر خطورة مما كان مقصوداً في البداية.

على سبيل المثال، فإن المحفظة التي بدأت بتخصيص 60-40 من الأسهم إلى السندات في عام 2002 كانت ستشهد إرتفاعاً كبيراً في تعرّضها للأسهم على مر السنين دون إعادة التوازن. وبحلول عام 2006، كانت الأسهم ستشكل 71% من المحفظة – أي بزيادة 11 نقطة مئوية عن نسبة ال 60% المقصودة. وبدون إجراء تعديلات، كان هذا الإتجاه سيستمر، حيث ستصل نسبة الأسهم إلى 76% من المحفظة بحلول عام 2022. ويمكن أن تؤدي هذه الزيادة في التعرّض للأسهم إلى تقلّبات أعلى وخسائر محتملة أكبر خلال فترات تراجع السوق، مما يؤدي إلى الإنحراف عن مستوى تحمّل المخاطر الأصلي للمستثمر.

وللحفاظ على مستوى مناسب من المخاطر، نوصي بمراجعة المحفظة مرة واحدة على الأقل كل عام وإعادة التوازن إذا كان توزيع الأصول قد تحوّل بشكل كبير عن التوزيع المستهدف.

قوة الإنفاق المنضبط

بالنسبة للمستثمرين الذين يقومون بتخفيض محفظتهم الإستثمارية والذين قد يكون لديهم هدف إستثماري محدّد لتمويل هدفهم، من المهم التأكد من أن مبلغ الإنفاق المستهدف يبقى تحت السيطرة مع مرور الوقت. لسوء الحظ، قد يؤدي إنفاق أكثر من المبلغ المستهدف إلى عرقلة تحقيق الأهداف طويلة الأجل. فكلّما زاد المبلغ الذي يتم سحبه كل عام عن المبلغ المستهدف، قلّ المبلغ المتاح للإستثمار وتوليد عوائد لدعم متطلّبات السحب المستمر.

قد يكون من الصعب بشكل خاص الحفاظ على الإنضباط في أهداف الإنفاق خلال فترات إرتفاع التضخّم أو عند مواجهة مواقف صعبة. ولكن من خلال الحفاظ على خطة إنفاق واعية، يمكن للمستثمرين المساعدة في ضمان بقاء الثروة التي جمعوها كافية لتحقيق أهدافهم. إذا لم يكن من الممكن الحفاظ على أهداف الإنفاق، فقد يكون من الضروري مراجعة الأهداف طويلة الأجل ومن ثم تعديل إستراتيجية الإستثمار وفقاً لذلك.

مراقبة أهداف الإستثمار ومراجعتها بإنتظام

يجب أن يراجع المستثمرون أهدافهم على فترات منتظمة، للتأكد من أن الأهداف لا تزال ذات صلة وواقعية، وأنهم على المسار الصحيح لتحقيقها. إن المراقبة والمراجعة المنتظمة للأهداف أمر مهم لجميع المستثمرين – سواء أولئك الذين يبنون ثرواتهم أو أولئك الذين يستغلّون ثرواتهم. يعتمد تكرار هذه المراقبة على مدى نشاط المستثمر في إدارة خطته الإستثمارية. وينبغي أن تكون المراجعة السنوية هي الحد الأدنى، ولكن قد تكون الأحداث الرئيسية أو التحوّلات الكبرى مناسبات لهذه المراجعات.

في النهاية، توفر مراجعة خطة الإستثمار للمستثمرين فرصة واضحة لتغيير المسار حسب الحاجة والتأكد من أنهم يمنحون أنفسهم أفضل فرصة لنجاح الإستثمار.

النقاط الرئيسية حول الإنضباط:

يجب أن يحافظ المستثمرون على منظور طويل الأجل يرتكز على الإنضباط من خلال:

  • تقديم مساهمات إستثمارية منتظمة لتحقيق أهدافهم.
  • الحفاظ على الإستثمار في أوقات التقلّبات.
  • إعادة التوازن لإدارة المخاطر والحفاظ على التوزيع المناسب للأصول.
  • وجود خطة إنفاق مستهدفة من محفظتهم الإستثمارية.

وبمرور الوقت، يجب على المستثمرين أيضاً مراجعة التقدّم المحرز نحو تحقيق أهدافهم، والتأكد من أن هذه الأهداف لا تزال ذات صلة وواقعية، وتعديل المسار، إذا لزم الأمر، بإتباع المبادئ الموضحة هنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top