لا عدالة في دعم الوقود (ولا في أي دعم آخر)

يباع البنزين الممتاز في الكويت بسعر مدعوم بقيمة 85 فلس لليتر. وهذا السعر طبعاً أقل من سعر التكلفة على الدولة وأقل أيضاً من السعر السوقي العالمي للبنزين. وتتحمل الدولة فرق السعر بين السعر السوقي العالمي والسعر المدعوم في الكويت رغبة منها في توفير حياة كريمة لجميع السكان. والجميع يدفع هذا السعر للبنزين ويعتقد أن هناك عدالة في توزيع الدعم لأن السعر ينطبق على الجميع من غني وفقير، ومن مواطن ووافد، الخ. ولكنني أود أن أوضح لكم إن هذا المفهوم خاطئ عن طريق هذا المثال البسيط:

  • محمد عنده سيارة 4 سيلندر ويستهلك شهرياً حوالي 300 ليتر بنزين بقيمة 25.500 دينار (300 ليتر بسعر 0.085 دينار لليتر يساوي 25.500 دينار)
  • أما عبدالله عنده سيارة 8 سيلندر ويستهلك شهرياً حوالي 500 ليتر بنزين بقيمة 42.500 دينار (500 ليتر بسعر 0.085 دينار لليتر يساوي 42.500 دينار)

لنفترض أن السعر السوقي (الغير المدعوم) للبنزين هو حوالي 250 فلس لليتر (مصدر هذا الرقم هو إدارة معلومات الطاقة التابعة لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية بعد تحويلها من دولار أمريكي لكل جالون إلى دينار كويتي لكل ليتر). فبهذه الحالة، يكون الدعم لكل ليتر بنزين ممتاز في الكويت هو 165 فلس لليتر (0.250 – 0.085 = 0.165) تتحمله الدولة نيابةً عن السكان. لنرجع إلى مثالنا مرة أخرى:

  • محمد يكلف الدولة 49.500 دينار شهرياً لدعم الوقود لسيارته ال4 سيلندر (300 ليتر بدعم 0.165 دينار لليتر يساوي 49.500 دينار)
  • أما عبدالله فيكلف الدولة 82.500 دينار شهرياً لدعم الوقود لسيارته ال8 سيلندر (500 ليتر بدعم 0.165 دينار لليتر يساوي 82.500 دينار)

فأين العدالة في الموضوع؟ فما بالك بيوسف الذي يملك شركة توصيل ولديه أسطول من السيارات والحكومة تدعم شركته بشكل غير مباشر عن طريق دعم الوقود له حاله حال باقي الناس؟ خلاصة الموضوع إن لا عدالة في الدعم، سواء كان للوقود أو للكهرباء والماء، الخ، لأن المستفيد الأكبر في الدعم هو المستهلك الأكبر للدعم. في مثالنا هذا، صاحب السيارة الأكبر يستفيد أكثر من الدعم من صاحب السيارة الأصغر.

فنصيحتي كالآتي: أن تقوم الدولة برفع دعم الوقود تدريجياً بواقع 15 فلس لكل سنة لمدة 11 سنة (0.015 دينار في السنة لمدة 11 سنة يساوي 0.165 دينار) إبتداءً من أول السنة القادمة (2025). وبنفس الوقت، وهذا مهم جداً، يجب زيادة معاشات المواطنين والطلبة وخصوصاً أصحاب الدخل المحدود لمساعدتهم على التغلّب على التضخّم الناتج عن رفع دعم الوقود من الإقتصاد المحلي.

فما الفائدة للدولة من رفع دعم الوقود وزيادة المعاشات بنفس الوقت؟ في البداية لن تكون هناك أي فائدة لأن أي توفير من رفع الدعم سيقابله زيادة في المعاشات. ولكن مع الوقت، سيتجه الناس إلى التوفير في إستهلاك الوقود (عن طريق السيارات الأصغر والمشاوير الأقل والركوب مع بعض الخ) وهذا هو الهدف الحقيقي من هذه التجربة، ناهيك أيضاً عن الفائدة البيئية الناتجة عن الإنخفاض المصاحب للإنبعاثات الكربونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top