تحليل: كيف يمكن الحد من إرتفاع أسعار العقار في الكويت؟

يشتكي الكثير من إرتفاع أسعار العقار لدينا في دولة الكويت. والعقار المقصود هنا هو العقار السكني (أي المنازل) ولا نتكلم عن العقار الإستثماري (العمارات السكنية) أو التجاري (المكاتب) الخ. سوق العقار، حاله حال أي سوق آخر، يخضع لقوانين العرض والطلب. والعلاقة بينهما عكسية. إذا إرتفع الطلب (وبقي العرض من غير تغيير) إرتفعت معه الأسعار والعكس صحيح. بينما إذا إرتفع العرض (وبقي الطلب من غير تغيير) فتنخفض معه الأسعار والعكس صحيح. ولأن الطلب يزيد بشكل أسرع من العرض، فترتفع الأسعار حتى تصل إلى سعر التوازن بينهما (العالي حالياً).

الطلب على العقار السكني في الكويت عالٍ بسبب الزيادة السكّانية الطبيعية. يكبر الأولاد ويتزوّجون وينجبون أولادهم ويحتاجون إلى مكان خاص فيهم وهلمّ جرا. ولا تستطيع الدولة على المدى القصير أن تؤخر أو تبطئ هذه الزيادة الطبيعية إلا عبر سياسات تحتاج لعقود لتؤتي ثمارها (كمثال خفض الحد الأقصى لبدل الأولاد، أو وضع رسوم للدراسة في المدارس الحكومية، الخ). فلهذا السبب من الأفضل التركيز على زيادة العرض لخفض الأسعار.

قام المشرّع مؤخراً بسن قانون لمنع إحتكار الأراضي عن طريق فرض رسوم سنوية تصاعدية لمن يملك أكثر من 1500 متر مربع غير مبنية في مناطق السكن الخاص. فإما أن يدفع ملاك الأراضي الرسوم المقررة قانوناً أو أن يقوموا ببيعها (وبذلك يرتفع المعروض وتنخفض الأسعار) وإما أن يقوموا ببنائها وتطويرها إما لسكنهم الخاص أو لتأجيرها للناس. جميع هذه الخيارات جيدة ونتمنى نجاح هذا القانون وتحقيق أهدافه المرجوّة. ولكن أودّ (إذا أمكن) إضافة شريحتين لهذا القانون وهما البناء الغير مكتمل والمنازل المهجورة لأنهما ليسا أراضي فضاء ولا فائدة سكنية منهما.

وتقوم الدولة أيضاً بزيادة العرض عن طريق طرح مناطق أو مدن جديدة للتوزيعات الإسكانية (كمثال مدينتي صباح الأحمد السكنية والمطلاع). فيقوم المواطن المتزوّج بتقديم طلب للحصول إما على أرض سكنية في إحدى المناطق الجديدة بالإضافة إلى قرض لتمويل البناء من بنك الإئتمان، أو أن يطلب الحصول على بيت جاهز مبني في نفس المناطق. فهذا طبعاً مثال ممتاز لزيادة العرض عن طريق التوسع الأفقي. ولكن بسبب تأخر التوزيعات الإسكانية، يضطر المواطن أن يسكن في بيت أهله أو أن يؤجر شقة أو دور إلى أن يأتي دوره في التوزيعات.

وممكن أيضاً أن تسمح الدولة بالتوسع العمودي في المناطق القائمة عن طريق زيادة نسبة البناء. تسمح البلدية حالياً ببناء دور أرضي ودور أول ودور ثاني وجزء من الدور الثالث حسب لوائح السكن الخاص (بالإضافة إلى السرداب). فما الذي يمنعها من السماح بتكملة بناء الدور الثالث كاملاً وجزء من الدور الرابع؟ (أكبر إعتراض على هذه الفكرة هو قلة مواقف السيارات ويمكن حلها بإقتصار الترخيص لتكملة الدور الثالث على المنازل التي لديها مواقف داخلية كالتي في السرداب.)

الهدف هنا من الترخيص بالتوسع العمودي هو زيادة بدائل السكن لمنتظري الرعاية السكنية. فإذا زادت نسبة البناء، يستطيع حديثي الزواج أن يمكثوا في منزل أهلهم لفترة أطول طالما أن المساحة هناك تكفيهم. بالإضافة، يستطيع أصحاب المنازل أن يقوموا بتأجير جزء من منازلهم (سواء دور أو شقة) لعائلات أخرى محتاجة للسكن. فمثل ما أسعار الأراضي عرضة لقوانين العرض والطلب، مثل ما إيجارات الأدوار والشقق عرضة لنفس القوانين. فإذا زاد المعروض من الشقق والأدوار للإيجار، ستنخفض معها الأجرة ويستفيد منها المستأجر.

والفكرة الأخيرة اليوم في هذا الموضوع هو السماح بتملّك الوحدات المنفصلة في السكن الخاص. فتخيّلوا معي أن يقوم مستثمر عقاري ببناء منزل مكوّن من دور أرضي منفصل، ودور أول منفصل، ودور ثاني منفصل، وشقة صغيرة في الدور الثالث (أو دور ثالث كامل إذا تمت الموافقة على زيادة نسبة البناء في السكن الخاص)، ومواقف سيارات وغرف للسواق في السرداب. وتخيلوا معي أيضاً أن لكل وحدة عداد كهرباء وعداد ماء منفصلين. فبهذه الحالة يستطيع المستثمر أن يبيع كل وحدة على حدة ولكل مالك وثيقة ملكية رسمية من وزارة العدل. طبعاً هذه الفكرة لا تصلح للجميع، ولكنني أتوقع أن بعض العوائل تفضّل أن تملك سكنها المكوّن من دور في منزل سكن خاص في المناطق الداخلية من أن تملك منزل كامل في المناطق الخارجية. (ملاحظة: يجب إقرار قانون لإتحاد الملّاك لتنظيم العلاقة بين الملّاك في نفس القسيمة.)

خلاصة الموضوع أن مثل ما تم إقرار قانون لمكافحة إحتكار الأراضي في السكن الخاص، يمكن إقرار قوانين أخرى لحل المشكلة العقارية التي تواجهها الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top