حقيقة حسابات الجوائز البنكية في الكويت: بين الأمل بالفوز والتكلفة الحقيقية

قام أحد البنوك الكويتية مؤخراً بتتويج فائزة جديدة في السحب السنوي لديهم بمبلغ 2 مليون دينار كويتي. ودخلت هذه الجائزة موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر جائزة نقدية مرتبطة بحساب مصرفي في العالم. فقبل أن تفتح حساب جوائز معهم (أو مع غيرهم) لنتعرف أولاً على طريقة عمل هذه الحسابات والتكلفة الحقيقية لها.

بشكل بسيط، يقوم البنك بمكافأة المودع (أو العميل) حسب المبلغ والمدة. كمثال، إذا قمت بإيداع مبلغ 100 دينار وتركتها في الحساب لمدة سنة، سوف تحصل على 12 قسيمة (أو كوبون) لدخول السحب، بمعدل قسيمة واحدة لكل 100 دينار في الشهر. والذي يودع 200 دينار لمدة ستة شهور نفس الذي يودع 300 دينار لمدة أربعة شهور ونفس الذي يودع 400 دينار لمدة 3 شهور، الخ. كلهم متساوون في عدد القسائم (12) لدخول السحب. فينصح البنك عملائه بزيادة مبلغ الإيداع وتركه لأطول مدة ممكنة لزيادة فرص الربح في سحوباتهم على مدى السنة. وطبعاً هناك شروط أخرى ولكنها لن تؤثر على النقطة التي أحاول توضيحها.

لنفترض معاً أن الفائدة السوقية على حسابات التوفير في الكويت هي 1% سنوياً (وهذا الرقم متغيّر حسب سياسات البنك المركزي الكويتي). فإذا رجعنا إلى مثالنا السابق، فالذي يودع 100 دينار ويتركها في حساب التوفير لمدة سنة فيحصل في نهاية المدة على فائدة 1 دينار. فهذا الدينار الواحد هو تكلفة شراء ال12 قسيمة لدخول السحب. يعني القسيمة الواحدة تكلف المودع 83 فلس لكل 100 دينار في الشهر!

فالمشاركون في حسابات الجوائز يدفعون مقابل دخولهم السحوبات. فالمشاركة في هذه الحسابات يسمى ’مجاني‘ لأن الإيداعات مضمونة ولا عليها أي رسوم أو خصومات. ولكن إذا تمت المقارنة مع حسابات التوفير العادية، فالمشارك في حسابات الجوائز يعتبر خسران مبلغ الفائدة.

ولكن السؤال الأهم من كل هذا هو، ما هي فرص النجاح الحقيقية في هذه السحوبات؟ كم قسيمة (100 دينار في الشهر بتكلفة 83 فلس) دخلت سحب المليونين دينار؟ للأسف ليست لدي الإجابة لهذا السؤال لأن البنوك المحلية متحفظة جداً على هذه المعلومات ولا تريد أشخاص مثلي بأن يقوموا بحساب فرص النجاح الحقيقية (يمكن لأنها ضئيلة جداً؟). ومن وجهة نظر البنوك، من الأفضل لها أن تقوم بتوزيع جوائز كبيرة على عدد محدود من العملاء ولا أن تدفع فوائد صغيرة على عدد كبير من العملاء. فالبنوك تدار بعقلية تجارية ويتمنون ألا ينكشف سرهم بأن حساب الجوائز لديهم مربح جداْ لأنه يوفر لهم إيداعات مجانية على أمل الفوز بجائزة كبيرة.

نصيحتي للناس بأن يقوموا بإستخدام حساب الجوائز كحساب جاري (للمشتريات والمصروفات اليومية بمبلغ محدود) وليس كحساب توفير (بمبالغ أكبر). فكل نوع حساب بنكي له مكانه وإستخداماته وهذا موضوع لمقال آخر. وأيضاً لم أتطرق هنا لمسألة التضخم، وهي بشكل بسيط التناقص في القوة الشرائية للمال مع الوقت، وهذه خسارة أخرى للمودعين على المدى البعيد في حسابات الجوائز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top