هذا المقال مقتبس من كتاب’’الطريق البسيط إلى الثروة‘‘ بقلم جي ال كولينز.
ذكرت في مقالي السابق إن شراء جميع الأسهم الموجودة في مؤشر السوق يتفوّق بشكل موثوق ومستمر على الإدارة المهنية، خاصة عند أخذ التكاليف بعين الإعتبار. وذلك لأن إحتمالات إختيار الأسهم التي تتفوّق في الأداء ضئيلة للغاية، فسيتم تحقيق نتائج أفضل من خلال شراء كل سهم في مؤشر معيّن. وحتى عندما يتفوّق كبار مديري الأموال في أدائهم، فمن الصعب التمييز بين المهارة والحظ.
فلماذا لا يزال الكثير من الناس يقاومون فكرة الإستثمار في صناديق المؤشر؟ أعتقد أن هناك الكثير من العوامل النفسية وراء ذلك وهذه بعض الأسباب التي تتبادر إلى ذهني:
1. إنه تحدٍّ يواجه الأشخاص الأذكياء أن يتقبّلوا حقيقة أنهم لا يستطيعون التفوّق في الأداء على المؤشر الذي ببساطة يشتري كل شيء. يبدو أنه من السهل جداً إكتشاف الشركات الجيدة وتجنّب الشركات السيئة ولكن الأمر ليس كذلك.
2. شراء المؤشر يعني قبول ’’متوسط‘‘ عائد السوق. يجد الناس صعوبة في تقبّل فكرة أنفسهم أو أي شيء في حياتهم كمتوسط. ولكن في هذا السياق يساء فهم كلمة ’’متوسط‘‘ في الغالب. بدلاً من أن تعني أن عوائد صندوق المؤشر عند نقطة المنتصف، فإن كلمة ’’متوسط‘‘ هنا تعني الأداء المشترك لجميع الأسهم في المؤشر.
في أي سنة معيّنة، يكون أداء معظم مديري الأموال المحترفين أقل من أداء مؤشرهم المستهدف. وفي الواقع، على مدى فترات تتفاوت من 15 إلى 30 عاماً، سوف يتفوّق المؤشر على 82٪ إلى 99٪ من الصناديق المدارة بنشاط. وهذا يعني أن مجرد شراء صندوق مؤشر سوق الأوراق المالية العالمي (مثل VWRA) يضمن أنك ستكون في أعلى مستويات الأداء سنة بعد سنة.
3. تمتلئ وسائل الإعلام المالية بقصص الأفراد والمهنيين الذين تفوّقوا على المؤشر لمدة عام أو عامين أو ثلاثة. أو في حالة نادرة جداً، مثل بافيت، مع مرور الوقت. لكن الإستثمار لعبة طويلة الأمد. على مر العقود لن يكون حظك في إختيار وتبديل المديرين الفائزين أفضل من إختيار وتبديل الأسهم الفائزة.
4. الناس يقلّلون من شأن تأثير التكاليف على الإستثمار. يبدو دفع رسوم الصندوق و/أو المستشار التي تتراوح من 1% إلى 2% منخفضاً، خاصة في السنوات الجيدة. لكن لا تخطئوا، فهذه الرسوم السنوية تتفاقم بمرور الوقت، والمبلغ المفقود مذهل. بالمقارنة، الرسوم السنوية لصندوق VWRA هي 0.22%.
5. معظم الناس يريدون نتائج سريعة، وإثارة، وحقوق تفاخر. إن السماح لصندوق المؤشرات بالعمل بسحره على مر السنين ليس أمراً مثيراً للغاية. إنها فقط مربحة للغاية.
6. وأخيراً – وربما الأكثر تأثيراً – هناك أعمال ضخمة (كالبنوك وشركات الإستثمار وشركات الوساطة ومحللين الأسهم والمستشارين الماليين الخ) مخصّصة لبيع المشورة والوساطة في الصفقات للأشخاص الذين يمكن إقناعهم بأنهم قادرون على التفوّق.
إسمحوا لي أن أتوقف لحظة لأكون واضحاً تماماً. أنا لا أفضّل الإستثمار في صناديق المؤشرات لمجرد أنه أسهل، مع أنه كذلك. أو لأنه أبسط، مع إنه كذلك أيضاً. أنا أفضّله لأنه أكثر فعالية وأقوى في بناء الثروة من البدائل المتاحة. يسعدني أن أبذل المزيد من الجهد لتحقيق المزيد من العوائد. أما المزيد من الجهد مقابل عائد أقل؟ ليس كثيراً.