أسهم الشركات الكويتية: بين تقلّبات أسعار النفط وأفق الإستثمار العالمي

إقتصادنا في دولة الكويت مبني على مورد واحد ونحن لا نتحكم في سعره. طبعاً أنا أقصد النفط. إذا إرتفع سعره زاد معه التوظيف الحكومي وزادت معه مشاريع الدولة وتربح الشركات ويرتفع سعر أسهمها. أما إذا نزل سعر النفط، فيخف التوظيف معه وتقل مشاريع الدولة ومعها تنخفض أرباح الشركات ويقل سعر أسهمها. فعندما تستثمر أموالك في أسهم الشركات الكويتية، في بورصة الكويت، فأنت، بشكل غير مباشر، عرضة للتقلّبات العالمية في أسعار النفط.

بالإضافة إلى ذلك، مع بدء إنتشار الطاقة النظيفة (كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح) ومع التطوّر التكنولوجي في مجال السيارات الكهربائية، فمن المتوقع أن يقل الإعتماد العالمي على النفط ولو بعد عشرات السنين. فعندما نستثمر أموالنا، وليس أن نضارب بها، فيجب علينا أن نفكر على هذا الأفق الزمني.

كمثال، المطوّر العقاري لا يتوقع أن يسترجع رأس ماله في فترة زمنية قصيرة. فيقوم ببناء عمارة، وتأجير الشقق (أو المكاتب) بها، ومن مدخولها يقوم بدفع أقساط التمويل ويدفع رسوم الصيانة وأتعاب الإدارة، الخ. والمتبقي يكون ربحه السنوي ويكون نسبة بسيطة من التكلفة الإجمالية للمشروع. ولكن سنة بعد سنة، يستطيع المطور العقاري أن يسترجع قيمة إستثماره وأكثر، خصوصاً طبعاً إذا أرتفعت أسعار العقارات بشكل عام فيستفيد منها.

وبما إننا نعيش على هذه الأرض، فالموظف الحكومي والمتقاعد يستفيدان من معاشهما، وموظف القطاع الخاص يستفيد من دعم العمالة، والجميع يستفيد من الخدمات الطبية المجانية ودعم الكهرباء والماء والوقود والتموين الخ (ما شاء الله)، وبما إن جميع هذه المزايا قائمة بسبب مدخول الدولة من بيع النفط في الأسواق العالمية، فلماذا يجب علينا كمستثمرين أن نربط أنفسنا، بأموالنا الخاصة، بأسعار النفط المتقلّبة؟ وخصوصاً أن البديل سهل ومتوفر لأن أسواق الأسهم العالمية مفتوحة لنا كمستثمرين؟

حسب بيانات البنك الدولي لسنة 2022، فإن مجموع القيمة السوقية للشركات الكويتية المدرجة في البورصة (153 مليار دولار) تعادل حوالي 0.2 بالمئة من مجموع القيمة السوقية لكل الشركات في جميع بورصات العالم (حوالي 94 تريليون دولار). فعالم الإستثمار في الأسهم أكبر بكثير من المتوفر لدينا في سوق الكويت للأوراق المالية (أكثر من 600 ضعف)!

وحتى لو كنت تستثمر أموالك في الولايات المتحدة الأمريكية (ولكن إحذر من ضريبة التركة هناك)، وهي أكبر سوق للأوراق المالية في العالم بوزن 43 بالمئة من مجموع القيمة السوقية العالمي (من نفس المصدر أعلاه)، فحتى هؤلاء يُنصحون بالإستثمار في أسهم شركات العالم بأكمله لتجنّب مخاطر الدولة الواحدة، حتى لو كانت أكبر (مالياً) وأقوى (عسكرياً) دولة في العالم.

فلذلك، نصيحتي لعامة الشعب: تجنّبوا إستثمار المزيد من أموالكم في أسهم الشركات الكويتية، وقوموا بتحويل فوائضكم إلى أسواق الأسهم العالمية، لتفادي المخاطر المزدوجة من إنخفاض أسعار النفط على المالية العامة للدولة وعلى أموالكم الخاصة. وسوف أعرّفكم، على أفضل إستثمار في الأسهم العالمية على الإطلاق!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top